الثلاثاء، 3 مارس 2015

تركيا تسير نحو الهاوية

سعاد كينيكلي أوغلو
تركيا تسير نحو الهاوية
3 مارس,2015

كتب :إبن الجنوب

          خيرنا هذا المساء أن نترك المجال لزميل صحفي تركي بصحيفة الزمان التركية , سعاد كينيكلي أوغلو,أن يكشف كيف أن تركيا تسير نحو الهاوية , و نحن سنعود بمقال لاحق, حول زيارته للسعودية


سعاد كينيكلي أوغلو

استسلمت دولة كبيرة بحجم تركيا إلى رجل واحد. ولم تعد مؤسسات الدولة كالقضاء والجهات القانونية وجهازي الشرطة والمخابرات موجودة أساسًا. فأين تقاليد الدولة التركية القائمة منذ آلاف السنين والتي يدَّعون أنها موجودة؟ فأنا لا أستطيع رؤيتها.
أتابع تركيا من الداخل والخارج، وأقرأ كل يوم الأخبار ذات الصلة بها في الصحف المحلية والعالمية، وأحاول متابعة كل ما يحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك. لا أرى إلا شيئًا واحدًا، ألا وهو أن تركيا تسير نحو الهاوية تدريجيًا، وتفقد الأرضية من تحتها، وتتراجع قيمة مكانتها حول العالم. إن التصريحات التي تجري بين مخالب السياسة، والأخبار التي تنشرها الصحف التي لا تساوي قيمتها حتى قيمة مناديل الحمّام، والأشخاص الدنيئين من الدرجة الثالثة الذين يتحدثون على شاشات التليفزيون لساعات تعكس إلى حد كبير مراحل السقوط في الهاوية هذه.
ما أكثر ذنوب هذه الدولة؟ فماذا فعلت تركيا حتى تستحق كل هذا؟ وربما أنها مضطرة لأن يخسف بها قبل الوقوف من جديد على قدميها. لا أعرف بالضبط، لكنني أعلم شيئًا واحدًا، ألا وهو أن تركيا لن تعود إلى ما كانت عليه في الماضي؛ إذ أن عيار هذه الدولة قد فسد. ولقد أصبح من الصعب للغاية إعادة تركيا إلى ما كانت عليه، وربما هو أمر مستحيل. وكما أن جارتينا الجنوبيتين سوريا والعراق قد دُمرتا بحرب فعلية، فإن تركيا التي نعرفها قد دُمرت بالحرب الموجودة في عقولنا. وصار من الضروري أن نتكلم عن تأسيس جمهورية جديدة، فالجمهورية القديمة أصبحت جزءًا من الماضي.
استسلمت دولة كبيرة بحجم تركيا لرجل واحد. ولم تعد مؤسسات الدولة كالقضاء والجهات القانونية وجهازي الشرطة والمخابرات موجودة أساسًا. فأين تقاليد الدولة التركية القائمة منذ آلاف السنين والتي يدعون أنها موجودة؟ فأنا لا أستطيع رؤيتها. هذا فضلًا عن أننا أصبحنا نتحدث عن دولة فارغة المحتوى. وظهرت عفونة الدولة وعجزها أمام الإرادة السياسة.
أصابت حالة من الانسداد العام جميع الأحزاب السياسية في تركيا. ولاشك في أن المساعي التي يبذلها حزب الشعوب الديمقراطية الكردي حتى يندمج ضمن الوطن (تركيا) باعثة على قدر ضئيل من الأمل. ويجب أن يرتقي الأتراك إلى مراتب مرموقة داخل هذا الحزب حتى يكمل الاندماج بشكل صحيح. وسنرى إن كانوا سيفلحون في هذا الأمر.
أما سائر الأحزاب الأخرى فلم تتغير أبدًا. ولا أستطيع أن أرى حاليًا أي شيئ مما نراه حاليًا يمكن أن يمنحنا بصيصًا من الأمل بشأن المستقبل.
أكثر ما أرى أن تركيا قد فقدت مكانتها في المؤتمرات التي أشارك بها في الخارج، فقد تراجعت مكانة تركيا في جميع المؤتمرات التي أحضرها، بدءًا من محتوى برامج المؤتمرات وحتى نظام الجلوس على المناضد البروتوكولية في أثناء تناول طعام العشاء. ونعيش معضلة عندما ينتقل الحديث إلى الانتقادات الموجهة إلى تركيا، والأصح هو التأكيد على أن حكومة حزب العدالة والتنمية ليست هي تركيا الحقيقية، وأن هناك تركيا أخرى وإن لم تكن بشكل نظامي.
فهل توجد تركيا أخرى في الحقيقة؟ فأين تركيا الأخرى التي رأيناها في جيزي بارك وقرأنا عنها في تويتر ورأينا أماراتها في الأحياء والمقاهي؟ لماذا لا نستطيع أن نعثر على تعبيرها السياسي؟ لماذا لا يوجد عنوان يستطيع أن يذهب إليه الناخب الحائر الذي ضاق ذرعًا بالحزب الحاكم ولايستطيع أن يدلي بصوته لصالح الأحزاب الأخرى؟ لماذا لا نشهد تأسيس كيان يستطيع الفوز في الانتخابات؟ لماذا إلى هذا الحد صعب تصوُّر كيان يدرك أهمية حماية صناديق الانتخابات ويتخذ كل التدابير اللازمة لذلك؟ ويبدو أن هذه الأسئلة ستكون هي الأسئلة التي ستطرحها وسائل الإعلام صباح يوم 8 يونيو / حزيران المقبل.
إن تركيا تسقط وتنهار تدريجيًا، ويبدو أننا لن نستطيع الوقوف على قدمينا قبل أن تسوء الأوضاع أكثر مما هي عليه الآن

سعاد كينيكلي أوغلوا.

تصبحون على وطن آمن
www.baalabaki.blogspot.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق